بِــسمْ الله الَرَّحمن الَرَّحِيمْ
حتى يغيروا ما بأنفسهم: حسن الخلق
نحمدك ربى ونستهديك ونستغفرك ونعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له ونصلى ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم.
ترى هل لازال الإحباط يلازمنا..أم أن عزائمنا ارتفعت واشتدت ؟؟ إن الله يحب هذه الأمة..إنها امة حبيبه إلى الله...لو راجعنا آيات القرآن لوجدنا أن الله سبحانه و تعالى بعد غزوة بدر يشتد على المسلمين فحيث النصر قد يأتي العجب: تقول سورة الأنفال: {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله وللرسول}....آية 1
أما بعد أحد و جراح اللم شديدة كانت الآيات مربتة مهدئة: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم}.....سورة آل عمران...آية 155
إن عفو الله أقرب مما نتصور... ولأن رسول الله كان متعبا ومتألم قال له تعالى: {فاعف عنهم واستغفر لهم و.شاورهم في الأمر}...سورة آل عمران...آية 159
فكيف يصيبكم الإحباط وبينكم رسول الله: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين}.....سورة آل عمران...آية 164
من مجامع التغيير حسن الخلق: من الكلمات الصعبة التي نسمعها أحيانا حين يدخل أجنبي إلى الإسلام الحمد لله إن أسلمنا قبل أن نرى المسلمين.هذه كلمة جارحة لأنها تعنى أننا لا نمثل حقيقة الإسلام و جوهره.إن اى حضارة حتى تستمر تحتاج إلى ثلاث دعامات: ماديات, روحانيات وأخلاق وقد تميزت حضارة السلام أنها مزجت بين هذه الدعامات وبالتالي استمرت تحكم العالم 1300 عام قال شوقي أمير الشعراء: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
فمادامت هناك أخلاق فهناك أمة و هناك حضارة يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: إنما بعثت لأتمم مكارم ألاخلاق.... الهدف من بعثته إتمام الأخلاق.. حديثه هذا نفسه من أكبر مكارم الأخلاق, لم يقل بعثت لأعلمكم الأخلاق و لكن لأتممها أي إنها موجودة سيقول البعض الهدف الأساسي من الدين معرفة الله... بالتأكيد. وكيف نتعرف على الله ؟ بمعرفة أسمائه و صفاته.. الحليم, الكريم, الصبور, الرؤوف والبعض يقول إن أهم ما في الإسلام العبادة: بالتأكيد فأركان الإسلام خمسة.. ولكن تعالوا ننظر إليهم: الصلاة:
قال تعالى: {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}...سورة العنكبوت...آية 45 في حديث قدسي: إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل بها على خلقي.. ويقول صلى الله عليه و سلم: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر فلا صلاة له
بالنسبة للزكاة:قال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}...سورة التوبة...آية 103 والتزكية إصلاح النفس بحسن الخلق.
وهناك مفاهيم إسلامية للصدقة وردت في الأحاديث مثل: تبسمك في وجه أخيك صدقة, وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في ارض غريبة صدقة و بصرك للرجل ردئ البصر صدقة...إذن الصدقة كلها أخلاق
فإذا نظرنا للصيام فتكفينا كلمة رسول الله صلى الله عليه و سلم: من لم يدع قول الزور و العمل به فلا حاجة لله أن يدع طعامه وشرابه وفى حديث آخر: إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق يعنى يقول لنفسه مرة إني صائم فيذكرها بأخلاق الصائم ويقول لمن أمامه إني صائم فلن أرد عليك..
أما الحج فطوال الأيام المخصصة له لا رفث و لا فسوق ولا جدال في الحج قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه إذن فالعبادات كلها تسعى لهدف واحد..حسن الخلق. هذه هي الثمرة حين أرسل الله سيدنا موسى إلى فرعون قال تعالى: {اذهب إلى فرعون إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى}...سورة النازعات...آية 17، 18، 19
وسيدنا جعفر بن أبى طالب حين سأله النجاشي عن حقيقة هذا الدين الذي جاء به رسولهم قال في كلمة موجزة: كنا قوم..... فبدأ بعرض سوء أخلاق العرب في الجاهلية ثم صفات الرسول صلى الله عليه و سلم ثم ما آل إليه حالهم من مكارم أخلاق بعد إسلامهم...لأن سيدنا جعفر كان يفهم جوهر الدين لم يضيع وقتا في شرح العبادات لقد أصبح لدينا نوع من الانفصام... والناس صنفان
متدين سئ الخلق أو حسن الخلق على غير دين وكلاهما أثره أسوأ من الأخر فهذا الشاب المتدين المصلى الصائم لو أساء إلى جيرانه و أزعج من حوله بصوت كاسيت سيارته..أو باصطحابه مجموعة من البنات كل هذا مثال سئ للمسلم والفتاة المحجبة ذات الملابس الضيقة والضحك بصوت عال والخوض في سير الناس مثال أسوأ أما العزيز صاحب الخلق الحميد و لكنه لا يصلى ولا يتعبد فأثره أيضا سئ فكلا النوعين يؤدى إلى فتنة الناس في الدين سلبا أو إيجابا. ذكروا عند رسول الله امرأة بصلاتها وقيامها غير أنها تؤذى جيرانها فقال هي في النار وأخرى ليس لها رصيد كبير من صلاة و قيام و لكنها تحسن إلى جيرانها فقال هي في الجنة
وفى أحاديث كثيرة نجد: الحياء والإيمان قرناء جميعا إذا رفع أحدهما رفع الآخر وأيضا: لا إيمان لمن لا أمان له ولا دين لمن لا عهد له. أي الذي إذا غضب لا تستطيع أن تأمن ما قد يفعل ولا يهتم بوفاء عهوده. وفى حديث آخر الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان
إن أحد العناصر الأساسية لقيام الأمم الأخلاق... لقد ورد في القرآن صفات عباد الرحمن ولو نظرنا إليهم لوجدنا إن الجزء الأكبر هي أخلاقهم: يمشون على الأرض هونا فليسوا متكبرين ولا يجادلوا السفهاء ويبتعدوا عن مواضع العراك والمشاكل ولهم عباداتهم التي تعينهم على شهادة الحق والبعد عن اللغو وهكذا
ومسك الختام حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم أقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا !!!